مكتبة رقمية
مجموعة من المواد (نصوص وصور وفيديو وغيرها) مخزنة بصيغة رقمية ويمكن
الوصول إليها عبر عدة وسائط. أهم وسائل الوصول لمحتويات المكتبة الرقمية هي
الشبكات الحاسوبية وبصفة خاصة
الإنترنت.
لا ينحصر محتوى المكتبة الرقمية على الكتب الرقمية فقط بل يتعداه إلى
غيرها من الوسائط. وبذلك تكون مواقع مثل Flickr و YouTube وغيرها مكتبات
رقمية أيضا (ولو أنها متخصصة، فالصور لـFlickr والفيديو لـ YouTube). حتى
إن البعض لا يتوانى في وصف الإنترنت بأنها المكتبة الرقمية العالمية.
تتتميز المكتبات الرقمية بأهدافها (تجارية، ثقافية..إلخ)، وحسب مواضيع
مضامينها التي تركز عليها (دينية، أدبية، علمية، تقنية...إلخ) وحسب شكل
المضامين (مستندات، صور، فيديو، صوت...إلخ).
انتشار المكتبات الرقمية
مع انتشار تقنيات الكتب الإلكترونية، واعتناق الكثير من الشركات الكبرى مثل
أدوبي ومايكروسوفت لتقنيات رقمنة النصوص وتوزيعها، فإن فكرة المكتبات
الرقمية بدأت تنتشر انتشارا سريعا، يدعمها في ذلك التطور السريع في تقنيات
حفظ المعلومات ورقمنتها واستعراضها والبحث فيها، إضافة إلى توفر الشابكة
كبنية تحتية يمكن بواسطتها الربط بين المستخدم وبين المكتبات الرقمية
المختلفة موفرة بذلك فضاء معلوماتيا رحبا يعادل في أهميته فضاء الإنترنت
العام السائد اليوم.
تاريخ المكتبات الرقمية
تتميز المواد أو الوسائط الرقمية عن غيرها، سواء كانت هذه المواد ملفات
نصية، أو أفلام، أو موسيقى، بعدة مزايا. فالمواد (في معظم الأحيان) سهلة
الإنتاج والنشر والتوزيع إلى الملايين بتكلفة زهيدة. فإنتاج كتاب بصيغة
رقمية يختصر تكاليف الطباعة الورقية والنقل والتوزيع الباهضة. فيكفي إنتاج
نسخة رقمية واحدة توضع على خادوم مركزي وبيعها للمشترين الذين يتصلون بالخادوم عبر (الشابكة (الانترنت)). وبالتالي فإن تكلفة بيع كتاب إضافي هي صفر بالنسبة للشركة الناشرة، وكل ما تجنيه من بيع النسخة الرقمية يعتبر ربحا صافيا.
المكتبات الرقمية التجارية
وفي ذروة عصر الدوت كوم أدرك بعض رواد المكتبات الرقمية أنه رغم
الانتشار السريع لإنترنت، وصيرورتها أحد أهم المصادر المعلوماتية، فإن
الكثير من المعارف البشرية الهامة لا تزال محتجزة في بطون الكتب. ولكن
هؤلاء لم يكونوا من الثوريين المتمردين أمثال هارت وأوكربلوم، ولكنهم كانوا
رجال أعمال تقليديين أرادوا استغلال الفرص التجارية التي يمكن للمكتبات
الرقمية أن توفرها لهم. ومن بين هؤلاء كان تروي وليامز المدير التنفيذي
والمؤسس لموقع
questia، والذي يعتبر اليوم أكبر مكتبة رقمية ذات طابع تجاري في العالم.
ففي بداية عام 1998، وربما أثناء وقوفه في طابور أجهزة تصوير الوثائق،
أو طابور استعارة الكتب في إحدى الجامعات الأمريكية، أدرك وليامز عدة أمور
هي:
1) ألن يكون هؤلاء الطلبة مستعدين لدفع مبلغ معين من المال مقابل تجنب
صفوف الانتظار، وعملية البحث المضنية عن الكتب المناسبة لأبحاثهم؟
2) تصوير الطلاب لصفحات من الكتب أو لكتب بأكملها يمثل فرصة ضائعة للشركات الناشرة لهذه الكتب.
3) ألن توفر المكتبات العامة والجامعية الكثير من التكاليف الإدارية لو قامت بالاعتماد على الكتب الرقمية وأتاحتها كمرجع للطلاب؟
وانطلاقا من هذه التساؤلات، وبعد حوالي العامين ونصف العام من التخطيط والدراسة والإعداد أطلق وليامز موقع
Questia
إلى الفضاء الخائلي. واعتمادا على نتائج دراسة الجدوى فقد اختار وليامز أن
تتخصص كويستيا في مجال الكتب الرقمية الخاصة بالعلوم الإنسانية
والاجتماعية، ورغم أنه كان بإمكان الموقع أن يحتوي يوم افتتاحه على أكثر من
مائة ألف كتاب، فإنه بدأ بخمسين ألف كتاب متخصصة في ذلك المجال فقط.
وتتلخص فكرة الموقع في أن الطلاب الجامعيين والباحثين يطلبون عادة الكتب
القديمة، وبالتحديد التي يزيد عمرها عن الخمسة سنوات. كما لاحظ وليامز أيضا
أن شركات النشر تتوقف عن إعادة طباعة معظم الكتب بعد سبع سنوات من نشرها،
ولكن هذه الكتب تحتفظ بقيمتها لمدة ثلاثين سنة أو أكثر. لذا قامت كويستيا
بالتعاقد مع أكثر من 170 ناشرا (عددهم اليوم هو 235)، وحصلت منهم على حقوق
رقمنة كتبهم التي تتميز بهذه الصفة، ومن ثم إتاحتها للجمهور من خلال الموقع
(وهو ما سنتحدث عنه بعد قليل). ولاختيار الكتب، قام وليامز بتوظيف عشرة
مختصين في علم المكتبات، وبالذات من المتخصصين في علم انتقاء مجموعات
الكتب. وقام هؤلاء باختيار خمسين ألف من أفضل الكتب المتوفرة لدى الشركات
الناشرة، وهي الكتب التي شكلت نواة المشروع. ورغم أن هذه المكتبة صغيرة
بالمقارنة مع المكتبات التقليدية فإنها تتميز بأن الكتب متوفرة دوما
للمستخدمين، كما أنه يمكن لكل مستخدم الحصول على نسخته الخاصة من الكتب
المتوفرة. وتقوم كويستيا بتوفير الخدمة للطلاب الجامعيين والباحثين في مجال
العلوم الاجتماعية والإنسانية، حيث يقوم الطالب بالاشتراك في الموقع،
ويتمكن مقابل اشتراكه من النفاذ إلى كامل محتوى الكتب الرقمية، والبحث في
محتواها للعثور على المعلومات التي يريدها، باستخدام محرك بحث متقدم من
أوراكل وهو برنامج ConText، إضافة إلى أن كويستيا تقوم بتعليم البيانات
باستخدام لغة
XML،
مما يجعل عملية العثور على المعلومات أكثر سهولة. ويمكن للطلبة أن يقوموا
بطباعة نتائج عمليات البحث التي يقومون بها. ولكن الموقع يوفر ما هو أكثر
من المراجع، كأدوات لكتابة الملاحظات على الصفحات، وإنشاء الحواشي، وفهارس
المراجع (وذلك لتشجيع الطلبة على ذكر المراجع التي حصلوا منها على
معلوماتهم). كما يحتوي الموقع على العديد من القواميس والفهارس، إضافة إلى
إمكانية وضع مجموعات معينة من الكتب ضمن رف رقمي شخصي. وماذا عن الشركات
الناشرة للكتب؟ ما تقدمه خدمة كويستيا للشركات الناشرة يفوق مجرد شراء حقوق
النشر، حيث تحصل هذه الشركات على نسبة معينة من إيرادات الاشتراكات ضمن
الموقع، وهو مصدر دخل من كتب لا تدر في العادة عوائد على الشركات، كما أن
المستفيدين منها عادة هم مراكز تصوير ونسخ الكتب التي يلجأ إليها الطلبة
عادة. ولا يؤمن وليامز بجدوى سوق الكتب الرقمية خلال الأعوام الثلاث
القادمة، حيث أن المنتجين لم يستقروا بعد على نسق قياسي يتم بموجبه إنتاج
الكتب الرقمية، ولا زال السوق بحاجة إلى تحديد النسق الأفضل. كما أنه يعتقد
أن الطلب غير موجود من قبل القراء (يجدر الإشارة إلى أن موقع أمازون يبيع
الكتب الرقمية). ومن جهة أخرى يرى وليامز أن الطلب في الوقت الحالي يتمركز
حول استخدام إنترنت لكتابة أوراق البحث. وما يقوم به هؤلاء الطلاب في الوقت
الحالي هو اللجوء إلى مصادر غير محكمة أو موثقة على إنترنت. وما توفره
كويستيا هو مراجع موثقة ومحكمة من الدرجة الأولى يمكن استخدامها لكتابة
أبحاث أفضل.
حقوق النشر والتأليف
من ناحية يجمع الكثيرون من أقطاب الصناعة على أن تقنيات حماية وإدارة
حقوق الملكية الفكرية الخاصة بالمحتوى الرقمي لم تحقق بعد مستوى الأمن
المطلوب، حيث لا زال من السهل كسر التشفير الخاص بالكثير من هذه الأدوات،
كما حصل في حالة شركة أدوبي مؤخرا حين تمكن أحد الهكرة الروس من كسر شيفرة
كتبها الرقمية. وترى شركات النشر أنه ما لم يتم حل هذه المعضلة فإنهم يخشون
أن تؤول الكتب الرقمية إلى مصير مشابه لما حصل في صناعة الموسيقى عند ظهور
نابستر، ويقولون بأن مصير التقدم البشري مرهون بحل هذه المشكلة، فإذا ما
تمت قرصنة الكتب على نطاق واسع فإن ذلك سيؤدي إلى امتناع المؤلفين عن
الكتابة والنشر، مما سيؤدي إلى تضاؤل النتاج العلمي.
ولكن شركات النشر تخوض حربا شرسة لتمديد الفترة التي يكون فيها كتاب ما
خاضعا لحقوق الملكية الفكرية. وقد نجحت الشركات الأمريكية في عام 2000 إلى
مد الفترة التي يكون فيها كتاب ما خاضع لحقوق الملكية الفكرية إلى 75 عاما
بعد موت المؤلف، وهو تمديد يهدد المكتبات الرقمية المجانية من أمثال مشروع
غوتنبرغ، والذي يتخصص في رقمنة الكتب التي لم تعد خاضعة لقوانين حماية
المؤلف، والتي كانت في الماضي تسقط عن الكتب بعد 25 عاما من موت المؤلف.
ويقول مايكل هارت وأوكربلوم بأن هذه القوانين تحمي الشركات الناشرة
وأرباحها فقط. ويقول أوكربلوم مازحا بأنه طبقا لهذا القانون فإن المخططات
الهندسية لأول طائرة، والتي ابتكرها الأخوان رايت، لا تزال محمية بقوانين
حماية المؤلف الجديدة.
حفظ المواد الرقمية
الحفظ الرقمي
يهدف إلى ضمان بقاء وسائل الإعلام الرقمية ونظم المعلومات قادرة على
قراءتها وتفسيرها في المستقبل إلى أجل غير مسمى. يجب أن يتم ترحيل كل
المكونات الضرورية والحفاظ عليها أو محاكات عملها.
[4] عادة ما يتم محاكاة مستويات الدنيا من أنظمة (
قرص مرن على سبيل المثال)، bit-streams (الملفات الفعلية المخزنة في الأقراص) وأنظمة التشغيل يجري محاكاتها على جهاز ظاهري (
بالإنجليزية:
virtual machine). إلا إذا كان معنى ومضمون وسائل الإعلام الرقمية ونظم
المعلومات مفهومة جيدا ويمكن ترحيلها، كما هو الحال بالنسبة للوثائق مكتب.
[4][5][6]
البنية والتنظيم
يوجد فرق شاسع بين أتمتة المكتبات ورقمنتها. ففي حين تعنى الأتمتة
بحوسبة العمليات المكتبية مثل استعارة الكتب وفهرستها وتنظيم العمليات
الداخلية للمكتبات، فإن رقمنة المكتبات تعني تحويل مجموعات من الكتب ضمن
المكتبات التقليدية إلى صورة رقمية سواء بمسحها ضوئيا، أو إدخالها كنص
إلكتروني.
وتوصي شركة صن مايكروسيستمز، وهي من الشركات الرائدة في إنشاء المكتبات
الرقمية في الولايات المتحدة، بأخذ النقاط التالية بعين الاعتبار عند إنشاء
المكتبات الرقمية.
- اعتماد نسق موحد للمعلومات (توصي صن باعتماد XML)
- أسلوب النفاذ إلى المكتبة الرقمية-هل سيكون مفتوحا للعموم عبر إنترنت أم سيقتصر على فئة معينة من المستخدمين
- الأمان والتحقق من هوية المستخدمين
- برمجيات حماية حقوق الملكية الفكرية
- البنية التحتية للمشروع من برمجيات وقواعد بيانات ومدى قدرتها على التوسع واستيعاب الأعداد المتزايدة من المستخدمين
- محرك البحث المستخدم. المكتبة الرقمية لا تفيد بشيء إذا ما لم تستخدم محرك بحث قوي.
- وسائط التخزين وحفظ البيانات وقدرتها على التوسع، وأساليب التخزين الاحتياطي التي تعتمدها.
معايير اختيار المجاميع الرقمية
تطبق الهيئات (عادة المكتبات) مجموعة من المعايير لاختيار المضامين الرقمية لإنشاء مكتبة رقمية من ممتلكاتها الحالية
لرقمنتها واقتناء المرقمنة مستقبلا.
امتلاك استراتيجية ذات أولويات اختيار محددة للرقمنة أمر بالغ الأهمية. العوامل التي ينبغي أخذها في الاعتبار :
- قيمة المواد
- حالة المواد
- استخدام المواد
- الخصائص المادية الضمانة لمستوى عال من النجاح
بالنسبة
لمكتبة الكونغرس، المتعلقات ذات الاهتمام الوطني هي مرشحة للعرض وتقليل الأذى على النسخ الأصلية
[7].
في المناقشات المبكرة حول رقمنة مواد المكتبات، في كثير من الأحيان
اقترحت قرارات الاختيار على أساس الرغبة في تحسين فرص الحصول على المحتوى،
وليس على شرط أو قيمة العنصر الأصلي.
[8] وفي عام 2001، كتبت بولا دي ستيفانو
[9]
أن استخدام مجموعة من المعايير المستندة هو أمر واعد، كما هو "الأساس في
تنمية المجاميع والقاسم المشترك بين جميع قرارات الاختيار". ومع ذلك في
الممارسة العملية، أظهرت دراسة لها أن معظم المشاريع الرقمية ركزت على
مجموعات خاصة، والتي عموما ليست المواد الأكثر شعبية في المجموعة الشاملة.
وفي ورقة بيضاء لمجلس عن المكتبة ومصادر المعلومات سنة 1998
[10]، حددت الاعتبارات التالية الشاملة للاختيار :
- تقييم الطبيعة الفكرية والمادية من لمصدر المواد ؛
- عدد وموقع من المستخدمين الحاليين والمحتملين ؛
- الطبيعة الحالية والمحتملة للاستخدام ؛
- شكل وطبيعة المنتجات الرقمية المقترحة وكيف سيكون وصفها، تسليمها، وحفظها ؛
- كيف يتعلق المنتج المقترح بجهود رقمنة الأخرى ؛ و
- التوقعات للتكاليف فيما يتعلق بالمنافع.
by : cristiano modY